بسم الله الرحمن الرحيم
لقد بدء العام الدراسي وبدأت معه معاناة المعلمين من مسابقة النظافة ، في أول اجتماع لنا مع مدير المدرسة وأول كلمات ينطق بها على رأس جدول أعماله بعد الترحيب بنا هي كلمات استقرت في آذاننا ولم ترض أن يتوقف طنينها ، تلك الكلمات عن مسابقة النظافة .
بدء بالمسابقة والإستعداد لها من الآن 25 / 8 / 2003 ، فشدد علينا فيها وبحماس وبكلمات طنانة بداية من الغيرة على الوطن وتنفيذ التعليمات ، إلى تنفيذ سياسة الوزارة مرورا بمسؤولي التربية واللجنة المحلية المسلطة كالسيف على رقابنا . فقد استقطع هذا المدير من وقت الإجتماع الكثير ليصم آذاننا بالمسابقة ، ويهوّل علينا بالعواقب الوخيمة لو تقاعسنا عن واجبنا المقدس حيالها . واستطرادا فيما ينفع المسابقة والفوز بها فقد انتقل حضرته وجنابه الكريم إلى الأنشطة ، وبين أهميتها وخطورة تركها وأن دائرة التعليم لنا بالمرصاد لو توانينا لحظة عن هذه الأنشطة ، وأخذت تلك الأنشطة من الوقت ما أخذت فهي كذلك من أبناء التربية المدللين بعد المسابقة ، ثم المسابقات والمكافئات وغيرها في مختلف جوانب الأنشطة ومناشط التربية .
كثير منا كان يشفق على مديرنا المناضل عاشق المسابقة فهو كغيره من رجالات التربية الأشاوس قد هام حبا بالمسابقة وملحقاتها ، فكان لايمر يوم على مدرستنا إلا واحتفال قام أو استعداد لاحتفال أو مسابقة رياضية أو غيرها أو تجهيز معارض .
وكنت أنتظر بشوق كبير أن يبدأ بالحديث عن الطلاب ومشاكلهم وطرح الأفكار والحلول ، والنهوض بمستوى المدرسة من خلال مستوى طلابها العلمي ومستوى معلميها المهني والإنساني ، إلا أنني تفاجأت باختتام الإجتماع مع تكرار التبيهات على الحضور اليومي والتشدد في ذلك وتجهيز السجلات الإدارية .
أشفق على التعليم في بلادنا وخاصة إذا كان معظم مسؤولي المناطق ومدراء المدارس على شاكلة مديرنا .
فالخوف قد زرع في عقول مدراء المدارس من زيارة اللجنة المحلية للمسابقة ومن بعدها اللجنة المركزية ، فالتقييم ينبغي الإستعداد له من الآن .
تبرمجت عقول مدراء مدراسنا على المسابقة والأنشطة وعلى السجلات الإدارية الفارغة والتي تملأ ليلة زيارة اللجنة .
تحوّل التعليم إلى تعليم شكلي وفرغ من محتواه ، وصار الغرض من سير الدروس والدوام المدرسي هو إنضباط الدوام والكتب النظيفة والطاولات المرتبة ، وهاجس زيارة المدير العام أو مدير دائرة التعليم .
تبرمجت عقول مدراء المدارس على إظهار أن العمل شكليا يسير بشكل ناجح وذلك من خلال اللوحات والمعارض والنماذج والمشاريع المنسوبة للطلاب ولا يعلم بها الطالب إلا يوم زيارة اللجنة .
الكثير من مسؤولي التربية يريد أن يسمع عن زيارته للمدارس الكلام الذي يرضيه فقط وليس الحقائق ، فإذا قام مدير المدرسة ووضح جوانب النقص وحاجة المدرسة لبعض اللوازم ، ووضح نقص الإمكانيات لديه أو وصف واقع مدرسته بشكل حقيقي فإن وجه المسؤول يحمر غضبا وتخرج عيناه ويتطاير منها الشرر ويخترق نظره جسد مدير المدرسة حتى ينكفئ على كرسيه ويحس أنه تلاشى من الوجود ، فبذلك تبرجمت عقول مدراء المدارس وبعض المعلمين على هذا التوجه .
تبرمجت عقول الطلاب على نسب الأعمال لغير أصحابها وتدربوا على السرقات الأدبية والعلمية ، فاللوحات الجدارية على مدخل المدرسة من عمل الأستاذ فلان وبإشراف مدير المدرسة زيد ، ويتفاجأ الطلاب هذا العام بنقل مديرهم زيد ليحل محله عمرو ، واللوحة صارت بإشراف الأستاذ عمرو .
أعود للمسابقة التي زرعت المفاهيم الخاطئة في عقول مدراء المدارس والمعلمين والطلاب ، وزرعت الأشجار واللوحات في مباني المدرسة ، أما المفاهيم الصحيحة ففي السجلات أو المسرحيات أثناء الإحتفالات .
المسابقة قللت من مستوى الطلاب باقتطاعها الجزء الأكبر من اليوم الدراسي ومن تفكير المعلم ووقته وجهده وحتى من جيبه .
المسابقة التي اقتطعت من جيب الطالب وولي الأمر وجمعية المدرسة فقد اتبعت في هذا الصدد سياسة الجيب المخروم .
http://www.omania.net/avb/showthread.php?threadid=89115
مواقع النشر (المفضلة)